ما أعظم صلاة الإنسان لربه بعد ذنب اقترفه ... وما أعظم البكاء النابع من قلب خاشع وعين دامعة من خشية الله . ما أبلغ أن يحس الإنسان بتأنيب الضمير بعد أن غير ثوبه الذي ألفه ولبسه سنين . ما أصدق أن يحاسب الإنسان نفسه حسابا عسيرا حتى يشعر وكأن قلبه سيخرج من بين ضلوعه ، وأن عقله يكاد يتوقف . ومن العجيب أن هناك صنفا من البشر لا يفهمون معنى للحياة والود والسلام ، ولا يقيمون للمحبة وزنا ، هدفهم فقط الإصرار والإيذاء، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب " فيجب على الإنسان أن تكون لديه الشجاعة لمواجهة نفسه ، وأن يحاول معها ويلومها باستمرار. وهذه النفس اللوامة لن تدعه يرتاح إلا إذا أطاع الله، فلا رحمة ولا رأفة ولا مغفرة أو هداية ترجى من مخلوق، ولكن بالتضرع والخشوع والخضوع لله سبحانه وتعالى، فليس بين المؤمن وربه حجاب ولا "واسطة". ما أصعب ان يحس الإنسان أن لا قيمة له، وانه صغير بأعماله كبير بأقواله، ويشعر بأنه ابتعد عن الله لدرجة تنسيه واجباته، وتجعله يتخلى عن مبادئه وقيمه في سبيل حياة زائفة، أن يرضي الآخرين على حساب نفسه، ان يغضب ربه حتى لا يغضب البشر، ان يسكت عن الحق كالشيطان الأخرس حتى لا يبتعد عنه الآخرون. ما قيمة كل هذا وما فائدته ؟ لا شيء ، سوى ان يأتي اليوم الذي يفيق فيه من غفوته ويستيقظ من سباته، ويتوب إلى الله. والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، او لا يفيق أبدا ويصل إلى مرحلة الانعدام وضياع النفس وخسران الآخرة. إن خوف الإنسان يزداد عندما يتذكر عدد الذنوب التي ارتكبها .. عندها ينفجر بداخله بركان من الحزن والندم على عصيان المخلوق ، ويذكر رحمة الخالق.